"غينيس" يخترق جدار "إيقاع الحياة"
الأربعاء 05 تشرين الأول 2011
بأيد فنية جمعها العمل المشترك وبقايا مواد كانت معدة للتلف، مع أفكار
بسيطة استطاع الفريق تحويلها إلى إبداع فني متجانس فظهرت لوحة "إيقاع
الحياة" الجدارية التي تعد التجربة الأولى والفريدة من نوعها في سورية.
جدار "إيقاع الحياة" لوحة فنية ضخمة نسجت من بقايا النفايات الصناعية والمنجزة على جدار مدرسة "بسام حمشو" في منطقة التجارة بدمشق.
الفنان التشكيلي "موفق مخول" صاحب فكرة اللوحة والمشرف على المشروع تحدث في لقاء مع "edamascus" عنها فقال:
«كانت فكرة المشروع في مخيلتي منذ مدة طويلة وكان ذلك بأن أصنع عملا جداريا
فنيا، لأننا نفتقد في "سورية" لمثل هذه المشاريع في الشوارع، فبدأنا
بتصميم وتنفيذ اللوحة مع مجموعة من مدرسي التربية الفنية، بالإضافة إلى أن
وزارة التربية في "دمشق" شجعت الفكرة وقدمت التسهيلات اللازمة، حيث بدأنا
بجزء بسيط من الجدار إلى أن توسعت الفكرة ولاقت إقبالا جماهيريا ضخما من
خلال رؤية ردة فعل الناس التي كانت بمثابة دافع لنا لتطوير العمل ونجاحه».
أشار الفنان "مخول" إلى أن المواد المستخدمة والمختارة لوضعها في اللوحة هي
عبارة عن بقايا بيئية من السيراميك الملون المكسور والغير مستعمل مع قطع
معدنية مختلفة، وملاعق وأواني تالفة، حيث وظفت هذه المواد بطريقة فنية
راقية مع التركيز على اختيارها بشكل لا تتفاعل فيه مع عوامل الطقس تحت كل
الظروف كي تحافظ على ديمومتها، وتثبت على الجدار بطريقة لا تتأثر بالأحوال
الخارجية وعلى العكس، فإن العوامل الجوية تعطيها متانة وتزيدها فناً
وجمالاً.
ثم أضاف: «وجد العمل بعض الصعوبة في بدايته من حيث جلب المواد إلا أنه
سرعان ماتحول إلى عمل جماعي ممتع، فبالإضافة إلى كونه عمل فني فهو عمل
إنساني وبيئي واجتماعي يرتبط بعقل الإنسان وإحساسه، فالفن المعاصر الحديث
لم يعد يقتصرعلى رسم لوحة أو
|
باب مدرسة "بسام حمشو" |
مجرد عمل زيتياً بل أصبح يخاطب الإنسان بجميع حواسه، أي الأشياء
التي يستخدمها يومياً في حياته العادية، والغاية من العمل هو عمل نموذج فني
إنساني يكون عبرة للناس يؤثر فيهم ويساهم في تعزيز الروح الإيجابية
بينهم».
الفنان "حذيفة العطري" (معلم حرفة في مديرية تربية دمشق) من المشاركين في
العمل تحدث عن دوره فقال إن عمله كان قائماً على دمج أبواب المدارس ضمن
الحائط باعتبار أن الجدار يوجد على صفه ثلاثة أبواب ونوافذ لأكثر من مدرسة،
فقام بالإستعانة بالتمارين اليدوية لطلاب الثانوية الصناعية الذين عملوا
بها أثناء تدريبهم الفني السنوي في المعهد، وباعتبار أنها أصبحت جميعها
تالفة حاول معهم جميعاً إعادة ترميمها وتثبيتها على الجدار بطريقة لاتتعرض
فيها للكسر».
ثم أضاف: «نحن نسعى لإدخال الجدار في موسوعة "غينيس"، على أنها أطول لوحة
فنية بيئية استخدمت فيها بقايا البيئة في العالم، ويبلغ طولها 190 متراً،
بعرض يترواح بين 4و5 أمتار.»
الفنان التشكيلي "ناصر نبعة" من ضمن فريق العمل تحدث فقال: «يهدف
جدار"إيقاع الحياة" إلى "صنع شيء من اللاشيء"، من خلال تحويل البقايا
الصناعية التالفة إلى قيمة جمالية لابد من الاستفادة منها، فأهميتها تنبع
من أنها تجذب أنظار المشاهدين وتثير الإحساس البصري لديهم، وأشار إلى أن
أغلب المدارس عبر مناهجها الجديدة تهتم بتدريس الفنون التشكيلية لتنمية
الحس الفني لدى الأطفال.
الفنانة التشكيلية "رجاء وبّي" قالت إن لوحة "إيقاع الحياة" أحدثت ثورة
فنية كبيرة في مجال الفن التشكيلي كونها أعادت إحياء مواد مستهلكة، وكانت
جاهزة للدفن لكنها في هذا المشروع الفني
|
جدار "إيقاع الحياة" |
الضخم ظهرت بمظهر إبداعي جديد يستمر مدى الحياة.
الفنانة "ليال نصرالله" تحدثت عن فكرة العمل بالقول: «من الممتع في المشروع
أن كل فرد من أفراد الفريق حمل فكرة معينة، وقمنا بجمعها لتصبح فكرة
متكاملة ومترابطة، حيث اعتمدنا على الطاقة الإبداعية والابتكارية لخلق
أعمال جديدة وبعيدة عن المألوف، ورغم الصعوبات التي واجهناها إلا أنها
سرعان ما تحولت إلى متعة شملت جميع العاملين في المشروع».
إن لوحة "إيقاع الحياة" حرَّكت الحسّ التشاركي والتطوعي من أهالي المنطقة
وحتى طلاب المدرسة ومدرسيها هذا ما أشار له الفنان "علي سليمان" (خريج
الجامعة اليدوية في دمشق) بالقول: «إن اللوحة تحمل أكثر من جانب ولكن
الأكثر الأهمية هو التفاعل الذي أصبح بين فريق العمل والناس وطلاب المدارس،
حيث قام سكان المنطقة بمساعدتنا بإحضار بعض الأشياء من بيوتهم وطلبوا منا
إمكانية مشاركتهم معنا في التنفيذ، فكان العمل بالنسبة لنا تطوعياً وليس
مادياً لأنه هو بداية لمشاريع مستقبلية كثيرة، أي هوية جديدة لأبنية
وجداريات مستقبلية في مدينة دمشق».
وتابع الفنان "سليمان" بكلمة وجهها للفنانيين السوريين بأن لا يبقى العمل
الفني محصوراً في صالة معرض أو مركز بل يسعى كل فنان إلى المشاركة بأي عمل
يضفي على شوارع وحدائق وجدران "سورية" لمسات جمالية فنية راقية.
السيد "علي خليف" مشرف على حراسة اللوحة قال: « يوجد بعض الشبان الصغار
الذين لايعلمون أهمية هذا العمل الفني وقد يلجؤون إلى سحب قطعة من القطع
المعلقة على الحائط محاولين تخريبه لذا ألجأ إلى توعيتهم في تقدير هذه
القيمة الفنية الإبداعية المميزة،
|
مواد التالفة بعد إعادة ترميمها |
و بأنها ستتحول إلى معلم سياحي في المستقبل».
ومن الجدير بالذكر أن القائمين على المشروع هم مجموعة من الفنانيين
التشكيليين مثل (حذيفة العطري، ليال نصر الله، صفاء وبّي، رجاء وبّي، ناصر
نبعة، علي سليمان) والسيد "حسين المصطفى" وهو رجل كبير في السن ويلقب بأبي
العز، وقد كان يعمل طوال الوقت مع الفريق بهمة ونشاط ومحبة دون أن يطلب أي
شيء سوى المشاركة والتمتع بهذا العمل العظيم، وقد لقب من الجميع بالجندي
المجهول نظراً لما قدمه من مساعدة للفريق.