[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]"عالبال بعدك يا سهل حوران" والعشرات من الأغاني، التي صدحت بها حنجرة
الراحل "فهد بلان" وغيره من المطربين، إضافة لمسلسلات درامية، ووثائقية،
وموسيقا تصويرية، قدمها الشاعر والملحن "سعدو الذيب".
«من يستمع إلى الجملة اللحنية التي تكونت في أغنية "يوم على يوم"،
وطريقة استلام المذهب الغنائي للراحل مطرب الرجولة "فهد بلان" يشعر بأهمية
العلاقة بين الكلمة واللحن».
الحديث كان للملحن وأستاذ الموسيقا في المعهد الموسيقي بالسويداء "مفيد
جباعي" لموقع eSwueda وتابع بالقول: «ناصية الكلمة امتلكها "سعدو الذيب"
لها إيقاع خاص، فهو من يحَمّل جملته دلالة خاصة في صورتها التعبيرية، ربما
بانزياح دلالي له أسلوبه في تحميل المضمر للصورة كما في "شرشف قصب ومطرز
بنيسان"، هي تعبير ودلالة للزمان والمكان بغنائية خرج اللحن معها بشكل
انسيابي، وكان لأداء الراحل "فهد بلان" تعبيراً خاصاً عند كلمة "ريحة هلي
منك يا سهل الخير" التي خرجت محملة بالعاطفة والشجن، لعل "سعدو" أراد من
وراء تلك الأغنية أن يوصل رسالة لم يستخدمها غيره من الملحنين مع المطرب
"فهد بلان" أولاً استلام المذهب بما يسمى الفالت دون إيقاع وهذا في الحقيقة
يحمل معنيين الأول قدرة ومهارة المطرب، والثاني إبداع الملحن بالجملة
اللحنية المناسبة لطبيعة وصوت المطرب في طريقة الاستلام الغنائي، وبالإشارة
إلى الأغنية نشعر بأهميتها عند اكتمال صورتها بشكلها النهائي التي أصبحت
على شفاه الناس منذ أن ظهرت مع بداية التسعينيات، والشيء الخفي الذي أراه
في "سعدو الذيب" بالتعاون مع "فهد بلان" هو استمالة الأخير إلى ألحانه ذلك
لأن صوته لم يستغل بالمساحة والقدرة التعبيرية التي عمل عليها "الذيب"،
وخاصة في طبقات القرار والجواب والمسحة العاطفية التي جعلها منهجاً جديداً
وأسلوباً غنائياً اتبعه "فهد بلان" قبل رحيله، لذلك فهو متقن باختيار
الكلمة واللحن، لكن "فهد" المتميز بأداء ساحر جعل من ألحانه نموذجاً جميلاً
للبيئة».
موقع eSwueda التقى الشاعر والملحن "سعدو الذيب" بالحوار التالي:
* تكثر في ألحانك المسحة العاطفية الحاملة للشجن، رغم تضمينها إيقاعات
سريعة، إلا أنها تحمل جملاً تطريبية شعبية، نابعة من تطريب ذاتي، كيف تختار
الجملة اللحنية؟
** هناك ترابط بين الكلمة واللحن فالأغنية تنتهي في وقت واحد كلاماً
ولحناً، ولدي قناعة بأنه كلما يتجذر الفنان في أرضه، يصل إلى العالمية،
الموسيقا العربية غنية، وهي الوحيدة التي تحتوي على أكثر من 256 مقاماً،
وبالتالي فهي
تحمل مساحة واسعة لدى الملحن، الأغنية الشعبية لدينا هي بنت البيئة،
وهي تحمل هموم وعواطف الناس، وكثيرة هي الأغاني الشعبية التي تحدد الزمان
والمكان، وهي تحمل ثقافة شعبية يمكن لها أن تندرج في باب التوثيق ذلك لأن
الكثير من المؤرخين اعتمدوا على الشعراء في مصداقية الحدث، وبالتالي كانت
الأغنية مواكبة للكلمة التي تحمل إرثاً تاريخياً، ما يجعل من الفنان وطناً
واحداً ينتقل بين الجبال والوديان وهو يحمل عبير أزاهير وطنه الأم.
* هل ترى ألحانك قد وصلت إلى المتلقي بالشكل الذي تريد؟ وما تلك الألحان؟
** أعتقد أن أكثرها قد وصل إلى الناس وعاشت على شفاههم، فالأغنية التي لا
تحفظ لا تعيش وحتى تعيش لابد لها أن تكون نابعة من القلب، وأن تكون كلماتها
مؤثرة، ولابد أن يكون اللحن موازياً إلى معنى الكلمات، والأداء من مقومات
الأغنية الأساسية، أغان كثيرة عاشت من مئات السنين، وأنا أعتقد أن التراث
الغنائي السوري الزاخر في الجمل الموسيقية التي ولدت من حالة إبداعية خاصة
لا تنتمي إلى أكاديمية موسيقية بل إلى طبيعة بسيطة من الناس الذين يعملون
في المساحة الواسعة من الأرض، والكثيرون من الملحنين الكبار أخذوا من
التراث الغنائي جملاً لحنية وطرزوا بها ألحانهم، وهذا ليس عيباً لأن التراث
هو إرث الأجداد، والأفضل من أن نعتمد على جمل من الموسيقا الغربية في
صناعة الأغنية كما يتصرف بعض الهواة الذين يطلق عليهم ألقاباً في ألحانهم
وهم يأخذون لحناً تركياً أو يونانياً أو أمريكياً لاتينياً أو هندياً
ويأتون بشاعر يكتب لهم كلمات على قد اللحن، هذه التصرفات الشائنة الآن قد
تضيع هوية الأغنية السورية بعد زمن، ولابد لنا من العودة إلى موسيقانا التي
هي أكثر حميمية والتصاقاً بواقعنا ونترك للأجيال ما ائتمنّا عليه.
* أنت قدمت ألحاناً لمطربين كبار أمثال "فهد بلان، وفؤاد غازي، وسعدون
جابر" وإلى جيل الشباب مثل "سمارة سمارة"، وغيره، ما الفارق بينهما رغم
وجود التقانة اليوم أكثر؟
** هناك الكثير من الأصوات الجميلة في سورية، فسورية ولادة، إذا رحل
الكثيرون، ممن أسسوا لمدارس فنية في هذا الوطن، فلابد من وجود من يتابع
مسيرتهم في إنتاج فن راق يقدم للناس، هناك شعراء قديرون، وملحنون
جديرون في سورية، نسمع بين الحين والآخر أغان تبشر بحاضر أجمل، ولكن
المسؤولية الآن هي على الإعلام فكل ما ينتج من الأغاني الهابطة يروج له،
والأغاني الراقية تكون دفينة الأدراج، الأذن تتعود ولابد للمستمع أن يستمع
فإذا أسمعته فناً جميلاً تعود على ذلك والعكس كذلك.
* متى تصبح الأغنية من التراث الغنائي؟
** إذا عاشت الأغنية على شفاه الناس لمدة تزيد على عشرين عاماً تدخل التراث، وإذا سقطت قبل هذه الفترة لا تحتسب من تراث الشعوب.
* ما الأغاني التي قدمتها وتعتبرها قد دخلت التراث؟
** من الأغاني التي أعتبرها قد دخلت التراث الغنائي في سورية "يوم على يوم،
وغالي علينا يا جبل، شيالوا، سفرهم طال" ولا مجال لذكر العديد من الأغاني
لأنني أعمل دائماً وبحرص على أن تعيش أغنياتي لأجيال وأجيال، ولا أفكر في
العمل كما يعمل البعض تحت شعار "هيك بدو السوق".
* يكثر اليوم المزج بين الموسيقا الشرقية والغربية من خلال تعدد الآلات
الموسيقية الالكترونية، هل ترى هذا المزج يقدم خدمة للموسيقا العربية أو
للجمهور العربي؟
** في عمل الموشحات كنوزنا وزعنا عشرة موشحات على السيمفوني القومي
البلغاري، وكان ذلك مذهلاً للموسيقيين الأجانب، الموسيقا العربية إذا وزعت
بشكل صحيح نستطيع بذلك الوصول بها إلى العالمية، وبالتالي أرى أن التوزيع
الموسيقي وإدخاله بشكل علمي قد أضفى على الموسيقا الشرقية جمالية خاصة، على
ألا نتجاوز الروح الشرقية واللحن الشرقي من أي عمل ندخل عليه هذا التوزيع،
كثيرون من الأجانب وفي دول مختلفة يبحثون في الموسيقا الشرقية، ونتفاجأ
بأن نسمع لحناً سورياً وآخر خليجياً قد أصبح أغنية عالمية تنسب إليهم.
* لديك العديد من أعمال الموسيقا التصويرية، ومنها "عمار يا سورية، ووعد،
وخيال يرمح عالشمس" وغيرها، هل تميل نحوها أكثر من ألحان الأغاني؟ ولماذا؟
** هناك فرق بين ألحان الأغنية والموسيقا التصويرية ذلك لأن الموسيقا
التصويرية تعتمد على الصورة والشخصيات والحبكة الدرامية التي من شأنها
تقديم رؤية واقعية لحدث ما، تعالج بطريقة نصية فيها ما يسمى موت المؤلف
وإحياء ذاته، وهناك الكثير من الأعمال الدرامية
التي رفعتها الموسيقا التصويرية، لأنها تواكب أحاسيس وشعور الشخصيات دون
مواربة أو تأليف فهي تحكي عن حركتها وفعلها بطريقة انفعالية ذاتية وبإيقاع
ينسجم مع متطلبات الشخصية، بينما موسيقا الأغنية تعتمد على الكلمة ومعناها
لذلك تجد فرقاً بينهما...
* يكثر السؤال حول الملحن "سعدو الذيب": أكاتب هو أم ملحن أم شاعر، لذلك أين تجد نفسك؟
** خاطب أمير الشعراء "أحمد شوقي" الموسيقار "محمد عبد الوهاب" قائلاً:
"إذا قرأت نصاً شعرياً بمخارج حروف كاملة يخرج اللحن مع الحرف"، وأنا لكوني
شاعراً قبل أن أكون ملحناً اعتمد في كلمتي على أن يخرج اللحن معها،
وبالتالي فأنا شاعر وملحن في آن واحد لأن أعمالي الغنائية هي من كلماتي
وألحاني، ولكن في الحقيقة أميل نحو الشع